عبادة الشمس بين الوثنية والتوحيد

في هذا المنتدى يمكنك مشاركة ومناقشة المواضيع باللغة العربية

Moderators: Shana, Arabic Moderator

Post Reply
BASIR AL-ALMAHDY
Posts: 10
Joined: Thu Jul 23, 2020 1:30 pm

عبادة الشمس بين الوثنية والتوحيد

الجميع يعلم ان العقل سابقا للجهل وان النور سابقا للظلمة وان الحق سابقا للباطل
وحين يظهر العقل يختفي الجهل وحين يظهر النور تتبدد الظلمة وحين يظهر الحق يزهق الباطل
والسؤال المهم هو كيف ان الجهل قد ساد وان الظلمة قد عمت وان الباطل اصبح الحاكم ؟
الجواب يتمثل بكلمة واحدة الا وهي الانحراف
نعم الانحراف عن المسار الصحيح او الصراط المستقيم
فهل الانحراف حدث في طريق عبادة الله الواحد الاحد وادى الى عبادة الشمس ؟
هذا ما سنحاول معرفته من خلال هذه النظرة المختصرة لتاريخ وحقيقة هذه العبادة واين حدث الانحراف بالضبط ؟
بداية سنجيب عن هذا السؤال الاخير وباختصار شديد جدا
الجواب هو ان الفهم اقتصر على الظاهر وحرفية النصوص المقدسة وعدم محاولة معرفة الباطن وجوهر وحقيقة هذه النصوص والى ماذا ترمز
والان لناخذ نظرة عابرة على تاريخ هذه العبادة وماذا كانت تمثل

تعتبر عبادة الشمس احدى اقدم اشكال الممارسة الدينية حتى الاديان العصرية التي مهما بدا لاهوتها مختلفا الا انها مجرد امتداد مطور لهذه العبادة القديمة
فمنذ الزمن الاول عرف الانسان مدى اهمية وفائدة الشمس وبجلها بصفتها نائبا او ممثلا للاله الاعلى جل جلاله
كتب احد الفلاسفة المطلعين قائلا :
مثلت الشمس بالنسبة للقدماء مبدأ وليس شيء محدد هي النار الداخلية في كافة الاجسام هي مبدأ النار في الطبيعة اي المبدأ المحفز وهي مسيّر الحياة ومحفزها وهي سبب التوالد والتجدد ومن دونها لايوجد حركة ولا وجود ولا هيئة او شكل
كانت الشمس بالنسبة للقدماء هائلة غير قابلة للتجزئة ابدية غير قابلة للفناء وكلية الوجود
جميع البشر وحتى بقية المخلوقات شعروا بحاجتهم الدائمة الى نورها وطاقتها الخلاقة وما من شيء اكثر رعبا بالنسبة لهم من فكرة غيابها عن الوجود فتأثيراتها الخيّره جعلتها تمثل مبدأ الخير بالنسبة للقدماء

لذلك نرى كل الشخوص المقدسة التي تتمحور حولها ديانات العالم القديم مثل براهما عند الهندوس وميثراس عند الفرس وأتوم وأمون ورع واوزيرس عند المصريين
وبعل عند الكلدانيين وادوناي عند الفنيقيين وادونيس وابوللو عند الاغريق
هي مجرد تشخيصات لمبدأ الشمس مبدأ التوالد الدائم والخصوبة الغزيرة التي تخلد وتجدد الوجود بشكل دائم ومستمر

القدماء اذن لم يعبدو الشمس بذاتها بل اعتبروها الرمز الانسب لمصدر الحياة والنور الاله الاعلى جل جلاله
فبحثا عن اوصاف او شعارات مناسبة يمجدون بها الاله الاعلى المانح للحياة لم يجد القدماء انسب من هذا الكوكب المشع (الشمس) لهذا السبب نجد انه على مر العصور وفي كافة الحضارات كان للشمس علاقة بالدين
ويمكن تلخيص سبب العلاقة الوثيقة من خلال اقتباس وصف ( اخناتون) للشمس قائلا :
((هي المنعشة ومانحة الحياة وتشع نورها فوق العادل والظالم معا لا تميز بين الاعراق والالوان والطوائف وهي ليست محرمة على شعب وممنوحة لشعب اخر
حيث بذور المؤمنين وغير المؤمنين المزروعة في الارض تنتش وتنمو بفضل ضوء الشمس ))

الشمس اذن هي مفهوم كوني لاتنتمي الى اي زمان لا تمثل رمز محدود ينتمي الى حضارة دون اخرى بل للجميع هي كوكب النهار الساطع ابدا

ونجد هذا ايضا في الديانات الحديثه اليهودية والمسيحية والاسلام
من خلال عديد من النصوص الواردة في كتبها المقدسة التوراة والانجيل والقران وحتى في اقوال شخصياتها المقدسة بل وحتى في حياتهم وولادتهم وموتهم
فمثلا نجد قصة ميلاد المسيح عيسى بن مريم ع تحاكي مبدا الشمس
فتاريخ ولادة المسيح ع هو نفسه تاريخ ولادة الشمس (انقلاب الشتوي) في شهر ديسمبر وتحديدا في يوم الخامس والعشرون منه
ايضا شخصيات مقدسة اخرى وهم انبياء كابراهيم ع وداوود ع وسليمان ع ويوسف ع
كانوا يمثلون في الكتب المقدسة الثلاث مبدأ الشمس او احد خصائصه
وليس اشهر من رحلة ابراهيم ع في ملكوت الله ليعرف ربه وتوقفه عند بعض الكواكب واخرها الشمس والذي عرف اخيرا ربه من خلال رجوعه لهذا المبدأ
ونجد ايضا في اقوال الائمة من اهل بيت النبي محمد ص اشارات لهذا المبدأ من خلال تفسيرهم لكثير من ايات القران ومن اوضحها ماجاء في كتاب الهفت الشريف عن الامام الصادق ع حين بين ان الشمس مثالا للرسول (رسول الله) وان القمر مثلا للوصي

واخيرا نرجع لما تسائلنا عنه في البداية ونعيد صياغة الجواب ونقول
نعم مع مرور الزمن وانحدار المستوى الاخلاقي والمعرفي وابتعاد الناس عن خلفاء الله غابت الحقيقة وعم الجهل وحكم الباطل واصبحت الشمس اله يعبد من دون الله
كما غيرها من المظاهر كالنار مثلا او اشخاص تم تصويرها كاصنام واوثان اصبحت الهة تعبد من دون الله
ولن تتخلص البشرية من هذا الانحطاط الاخلاقي والمعرفي الا من خلال ايجاد منهج المعرفة الصحيح والسليم منهج التوحيد الحقيقي والذي يمثله الامام احمد الحسن ص في هذا الزمان
في محاولة لانقاذ البشرية والمخلوقات جميعا من النتيجة المحتومة التي سيؤدي لها هذا الانحطاط
والاصرار عليه وهي الهلاك بعذاب الله شديد العقاب

والحمد لله رب العالمين

وصل الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
Post Reply

Return to “Arabic / العربية”